فإنك لو قلت للقائد مثلًا: اذهب إلى الجبهة الفلانية، وتحته جنود يمشون بأمره، صار هذا الأمر له ولمن كان تابعًا به. والرسول - صلى الله عليه وسلم - قائد الأمة، وإمام الأمة، فإذا وجِّه إليه الخطاب كان موجهًا له ولأمته ما لم يقم دليل على التخصيص.
وقوله:{صَدَقَ اللَّهُ} جملة تتضمن الثناء على الله بالصدق. وقد قال الله تعالى:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}[النساء: ١٢٢] فلا أحد أصدق من الله. والصدق مطابقة الخبر للواقع، والكذب مخالفة الخبر للواقع. فاذا قلت: غربت الشمس وقد غربت فعلًا فهذا صدق. وإذا لم تغرب فهذا كذب.
هل يضاف إلى ذلك مع اعتقاد الوقوع، بمعنى أنه لو أن شخصًا أخبر بما يطابق الواقع، ولكنه يعتقد في نفسه أنه كاذب؟ نقول: إن خبره هذا صدق لأنه موافق للواقع، لكن عليه إثم الكاذب إذا كان يعتقد هو أنه كاذب في ذلك. الكذب مخالفة الخبر للواقع، سواء كان موافقًا لاعتقاد المتكلم أو لا، حتى لو اعتقد أنه صدق وقد خالف الواقع فهو كذب. ولهذا نقول: إن اليهود الذين زعموا أنهم صلبوا المسيح ابن مريم عليه السلام، وإن كانوا يعتقدون الصدق، فهم كاذبون. والنصارى الذين قالوا:{إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}[المائدة: ٧٣] هم أيضًا كاذبون، وإن كانوا قد اعتقدوا الصدق. إذن لا يشترط اعتقاد القائل موافقة ما أخبر به للواقع أو مخالفته للواقع. المهم أن هذا الخبر إن وافق الواقع فهو صدق، وإن اعتقد قائله أنه كاذب، وإن خالف الواقع فهو كذب، وإن اعتقد قائله أنه صادق.
{صَدَقَ اللَّهُ} جملة خبرية تتضمن الثناء على الله، وإذا كانت