للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تتضمن الثناء على الله فهي عبادة. فقول القائل: صدق الله، ثناء على الله بالصدق، لأن كل ثناء على الله فهو ذكر لله وتعبد له. ولم يذكر الخبر الذي حكم عليه بالصدق فيكون ذلك عامًا شاملًا، أي صدق الله في كل شيء، كل ما أخبر الله به فهو صدق، ومن ذلك ما أخبر به مما أحل لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه.

{فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}.

{فَاتَّبِعُوا} الخطاب للأمة، كما أن الله أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بذلك في قوله: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣]، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - مأمور بأن يتبع ملة إبراهيم حنيفًا، وكذلك نحن مأمورون بأن نتبع ملة إبراهيم حنيفًا. والملة هي الشريعة التي يكون عليها الإنسان، فكل شريعة يكون عليها الإنسان فهي ملة؛ فالإسلام ملة، واليهودية ملة، والنصرانية ملة، وقد جاء في الحديث: "لا يتوارث أهل ملتين شتى" (١)، أي: مفترقتين.

وقوله: {مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ}. المراد هنا اتبعوا ملة إبراهيم في التوحيد، وعدم الشرك، ولهذا قال: {حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، {حَنِيفًا}: أي مائلًا عن كل شرك.

{وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}: هذه الجملة معطوفة على ما سبق من باب عطف المترادفين، أو المرادف على مرادفه، فالحنيف


(١) رواه أبو داود، كتاب الفرائض، باب هل يرث المسلم الكافر؟ رقم (٢٩١١). وقال الألباني: حسن صحيح. وكذلك رواه الترمذي، كتاب الفرائض، باب لا يتوارث أهل ملتين، رقم (٢١٠٨). وقال عنه الألباني: صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>