كقوله:{إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق: ١] أي: وقت عدتهن.
فالله تعالى جامع الناس لهذا الوقت، ليوم لا ريب فيه، أي لا شك. ولكن الريب أبلغ من الشك، وإن كان معناهما متقاربًا، لأن الريب فيه زيادة قلق واضطراب مع الشك، والشك خال من ذلك. ولهذا جاءت كلمة (ريب) الدالة بمفهومها اللفظي على أن هناك نوعًا من القلق والاضطراب الحاصل بالشك، لأن من الشكوك ما لا يولد همًا، ولا غمًا، ولا اضطرابًا، ولا يهتم به الإنسان، ومن الشكوك ما يهتم به الإنسان، ويضطرب، ويقلق، مثل هذه الأمور العظيمة الواردة في الأخبار باليوم الآخر، فإن الإنسان لابد أن يطمئن اطمئنانًا كاملًا.
و{لَا}: نافية للجنس، و {رَيْبَ} اسمها. و {فِيهِ}: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبرها، وجملة {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} تأكيد لما سبق من كونه تعالى جامع الناس ليوم لا ريب فيه.
في هذه الآية يقول الله تعالى عن هؤلاء الراسخين: إنهم بعد أن يدعوا الله بما سبق يخبروا هذا الخبر المعبر عن إيمانهم ويقينهم بأنهم يؤمنون بأن الله جامع الناس ليوم لا ريب فيه، ومن ثَمَّ دعوا الله أن لا يزيغ قلوبهم، وأن يهب لهم منه رحمة، لأنهم يؤمنون بأن هناك يوما يجمع الله فيه الناس، فيجازيهم بعملهم، كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الواقعة: ٤٩ - ٥٠]. وقال تعالى:{ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ}[هود: ١٠٣]. ما أكثر الناس الذين سبقونا! وما أكثر الناس الذين يلحقون بنا! والله أعلم.