للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأجل العوج، فتكون مفعولًا من أجله، ويجوز أن تكون مفعولًا به، أي تطلبونها عوجًا أي تصيرونها عِوَجًا. والعوج ضد المستقيم. ويقال عِوَج في المعاني، وعَوَج في الأعيان. فتقول مثلًا: هذه العصا عَوَج؛ لأنه عين. وتقول: هذا القول عِوَج؛ لأنه معنى، ففي المعاني بكسر العين، وفي المحسوسات بفتحها. وأصل العوج: الميل، وضده الاستقامة. والعوج عن شريعة الله يشمل معنيين: المعنى الأول: في الأوامر، والثاني: في النواهي. أما في الأوامر فاعوجاجها إما بالتهاون بها والتفريط، وإما بالإفراط فيها والغلو، فالناس بالنسبة لأوامر الله ثلاثة أقسام: قسم وسط، وقسم مُفرِّط، وقسم مُفرِط، يعني غالٍ متجاوز للحد. فالوسط هو المستقيم. والمفرط عَوج، والزائد عَوج أيضًا. هذا في الأوامر. أما في النواهي فالعوج هو انتهاكها وارتكابها، هذا عوج؛ لأن الصراط المستقيم في النواهي أن تدعها، وأن تتجاوزها. فإذا أنت فعلتها وانتهكتها فهذا هو العوج فيها. فهؤلاء اليهود والنصارى، أهل الكتاب، يريدون من الناس العوج في الأوامر وفي النواهي، في الأوامر بالتفريط، والتهاون، أو بالغلو والإفراط. وفي النواهي بانتهاكها، والتهاون بها.

{تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ} الواو هذه للحال. يعني والحال أنكم شهداء على ما تفعلون. فأنتم تعلمون أنكم بفعلكم هذا تصدون عن سبيل الله. تعلمون هذا وتشهدون به. ووجه ذلك أنه يوجد في كتبهم أن محمدَ بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - سوف يُبعث، وأنه رسول الله، وأنه الذي بشَّر به عيسى، لكنهم يحرفون الكلم عن مواضعه من أجل صدِّ الناس عن الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. فصاروا

<<  <  ج: ص:  >  >>