للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني اذكر هذا اليوم الذى ينقسم فيه الناس إلى هذين القسمين، ويحتمل أنها متعلقة بالخبر؛ لقوله: {وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: ١٠٥] يعني لهم عذاب عظيم في ذلك اليوم.

وقوله: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ} الابيضاض معروف أي تكون بيضاء، وهذه الوجوه التي تكون بيضاء هي وجوه المؤمنين، وتختص هذه الأمة بأنها يكون لابيضاضها نور تُعرف به يوم القيامة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "سيما ليست لغيركم، تدعون يوم القيامة غرًا محجلين من أثر الوضوء" (١).

وقوله: {تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}:

قد يبدو للإنسان من أول وهلة أن هذين القسمين متساويان، ولكن هذا غير مراد، وذلك لأن أكثر بني آدم من أهل النار، وجوههم مسودة -والعياذ بالله- فإن من بني آدم تسعمائة وتسعة وتسعين كلهم في النار وواحدًا من الألف في الجنة كما صحَّ بذلك الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

وقوله: {وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} أي تكون سوداء، وسبب هذا الابيضاض والاسوداد -والله أعلم- أنه مما يبشّر به هؤلاء ويوبخ به هؤلاء، فإن المؤمنين يبشّرون إذا بعثوا من قبورهم برحمة الله عزّ وجل وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون، وأما


(١) رواه البخاري، كتاب الوضوء، باب فضل الوضوء والغر المحجلون من أثر الوضوء، رقم (١٣٦). ورواه مسلم، كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء بلفظه، رقم (٢٤٧).
(٢) رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الحج، رقم (٣١٦٩). ورواه أحمد في مسنده، رقم (١٩٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>