للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} [الملك: ٨، ٩]، ويوبخون أيضًا بعد ذلك كما في قوله تبارك وتعالى: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٨] فإنهم يوبخون أيضًا في حال دخولهم النار ومكثهم فيها ما شاء الله وطلبهم أن ينجوا منها.

قوله: {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} المراد بالإيمان هنا إيمان الفطرة؛ لأن كل مولود يولد على الفطرة كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" (١). ويحتمل أن يكون المراد بالإيمان الإيمان الفطري الاختياري، وتكون الآية في سياق من يرتد بعد إيمانه، لكن الأول أولى لأنه أعم.

قال: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}:

(العذاب) أي البدني والنفسي، أي مسّه، والذوق هنا ليس ذوقًا باللسان بل هو ذوق بالبدن كله؛ لأن الذوق قد يكون باللسان، وقد يكون بالقلب، وقد يكون بالبدن، فقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا" (٢) المراد به ذوق القلب لا ذوق اللسان، وإذا قيل: ذاق الثمرة،


(١) رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، رقم (١٣٨٥). ورواه مسلم، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، رقم (٢٦٥٨).
(٢) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا فهو مؤمن وإن ارتكب المعاصي الكبائر، رقم (٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>