للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبيضة وجوههم وهم أهل الإيمان والطاعة، وقسم مسودة وجوههم وهم أهل الكفر والعصيان، فإذا قال قائل: الآيات هنا بيّنت أن الوجوه تسود وفي آية أخرى كذلك: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر: ٦٠] وفي آية أخرى: {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه: ١٠٢] فكيف نجمع بين الآيتين اللتين تثبتان اسوداد الوجوه والآية التي تثبت أنهم يحشرون زرقًا؟ قال أهل العلم في الجمع بين هذا وأمثاله: إن يوم القيامة ليس زمنًا متحدًا قصيرًا تتعارض فيه الأحوال، لكنه زمن طويل مقداره خمسون ألف سنة، فيمكن أن تكون الوجوه في وقت من هذا اليوم مسودة، وفي وقت آخر مزرقة، هذا جمع.

الجمع الثاني: أن المراد بالسواد الزرقة؛ لأن الزرقة كلما اشتدت مالت إلى السواد، وحينئذٍ يكون زرقًا واسودت بمعنى واحد.

الجمع الثالث: أن الناس يختلفون في الجرم والكفر، فتسود وجوههم أو تزرق بحسب كفرهم وجرمهم، فمنهم من يكون جرمه شديدًا عظيمًا فتسود وجوههم، ومنهم من يكون أخف فتكون زرقاء.

الجمع الرابع: قالوا: إنهم سود البشرة زرق العيون، وهذا أعظم في القبح، إذا كان الوجه أسود والعين زرقاء، صار هذا أقبح منظرًا.

على كل حال هذه أوجه جمع العلماء بها بين هذا الظاهر الذي يظهر أنه متعارض، وهنا نقف لنقول: ليس في القرآن شيء متعارض لا يمكن الجمع بينه وبين الآخر؛ لأن التعارض يقتضي

<<  <  ج: ص:  >  >>