للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون أحد المتعارضين حقًّا والثاني باطلًا؛ لأنه ليس معنا إلا حق وضلال: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: ٣٢]، ولا يمكن أن يكون شيء في كتاب الله باطلًا ضلالًا كما قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢] نعم يمكن أن يتعارض النصان ولكن يكون أحدهما ناسخًا للآخر كقوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [الأنفال: ٦٥] ثم قال: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: ٦٦] والنسخ يكون به إبطال المنسوخ من عند الله، فلا يكون هناك تعارض، فإن وجد من القرآن ما ظاهره التعارض فلابد أن يكون هناك انفكاك بين النصين ينتفي به التعارض، وأما أن يبقى متعارض فهذا شيء ممتنع، ومن أحسن ما أُلِّف في الجمع بين الآيات المتعارضة كتاب محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله المسمى "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب" وهو كتاب جيد ومفيد لطالب العلم.

٤ - أنه يجمع لهؤلاء الكافرين بين العذاب البدني والعذاب النفسي، نأخذه من قوله: {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ}: قيل: إن التقدير: يقال لهم {أَكَفَرْتُمْ} فهذا العذاب النفسي.

٥ - شدة التنكيل بهؤلاء المكذبين حيث يجمع لهم بين العذابين البدني والنفسي، ثم يقال: (ذوقوا العذاب) فهذا لا شك أنه من أشد ما يكون تنكيلًا بهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>