للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن لو أن أحدًا من الناس قال لي: كيف تجمع بين هذه الآية: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ} وبين قوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}؟ أقول لهم: لا منافاة لأنه إذا انتفت إرادة الظلم لزم نفي الظلم، وإذا انتفى الظلم لزم انتفاء إرادته؛ لأن الله تعالى قادر لو أراد أن يظلم لظلم.

٨ - إثبات الصفات السلبية؛ لأن ما وصف الله به نفسه ينقسم إلى قسمين: ثبوتي وانتفائي، أو إن شئت قل: سلبي، فالثبوتي كله صفات كمال، كل صفة أثبتها الله لنفسه فهي صفة كمال، والانتفائي كله صفات نقص ولكنه متضمن لثبوت كمال، ففي قوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: ٧٤] نفي الغفلة لكمال علمه ومراقبته. {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦] لكمال عدله، {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: ٣٨] لكمال قوته، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} [فاطر: ٤٤] لكمال قدرته وعلمه، وهلم جرا.

ومن فوائد قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}:

١ - عموم ملك الله تعالى؛ لقوله: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} و"ما": موصولة تفيد العموم.

٢ - انفراد ملك الله تعالى بذلك أي أن الله وحده هو المالك لها، وهذا يؤخذ من تقديم الخبر؛ لأن القاعدة المقررة عند البلاغيين وأصحاب الأصول أن تقديم المعمول يفيد الحصر.

٣ - إثبات السموات والأرض، وهو أمر معلوم ولا ينكر، ولكن الفائدة من هذه الفائدة بيان عظمة الله تعالى بخلق هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>