للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطيع لأمكن ولكنه لكمال عدله لا يمكن أن يعذبه لأنه ظلم، وهم يقولون: لا يمكن أن يظلم الله تعالى أبدًا، الظلم مستحيل لماذا؟ أليس يمكن أن الله يعذب المطيع الذي أمضى طول عمره في طاعة الله؟ قالوا: نعم، يمكن، لكن هذا ليس بظلم لأنه فعله فيما يملكه، فالعبد ملك لله، فإن فعل به أي شيء فليس بظالم له. هذا وجهة نظرهم لكنها وجهة فاسدة؛ لأنه لو قال لك قائل: افعل كذا سأثيبك، ولا تفعل كذا فإن فعلت عاقبتك، ثم فعلت ما أمرك به وما وعدك الإثابة عليه، ثم عذبك أشد العذاب، هل هذا ظلم عقلًا أو غير ظلم؟ هذا ظلم ولو كان مالكًا لك، لو أن السيد قال لعبده: يا عبد أعِدَّ الغداء واجعل فيه كذا وكذا وقدِّمه لي، ففعل على الوصف الذي أُمِرَ به، وأتى به في الزمن المطلوب، ثم أخذ السيد خشبة وجعل يضربه بها فإنه يكون ظالمًا ولو كان عبده. عقلًا يكون ظالمًا، هم يقولون: يجوز أن يمضي الإنسان عمره كله في طاعة الله امتثالًا لأمر الله وإذا مات يخلده في النار، وإذا فعل هذا ليس بظالم لأنه فعله في ملكه. نقول: إذا كان الأمر كذلك وكان الظلم على زعمكم محالًا فإن الله تعالى لا يصح أن يقال إنه ينفي الظلم عن نفسه تمدحًا بذلك.

٧ - أنه إذا انتفت إرادة الظلم انتفى الظلم. وجه ذلك: أن الله لا مكره له، فإذا كان لا يريد الظلم سبحانه وتعالى فنفي إرادة الظلم نفي للظلم، وحينئذٍ لا يكون بين هذه الآية وبين قوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦] تعارض؛ لأن نفي إرادة الظلم تستلزم نفي الظلم، ونفي الظلم يستلزم نفي إرادة الظلم؛ لأنه لو أراد أن يظلم لظلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>