للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نسمع كثيرًا من المؤلفين -يرحمهم الله- يقولون: إن الإيمان هو الإقرار، وبعضهم يقول: إن الإيمان هو التصديق، ولكن هذا على إطلاقه لا يصح باعتبار الإيمان الشرعي، فالإيمان الشرعي هو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان، فمن صدق وأقر ولكن لم يقبل ويذعن فليس بمؤمن، ودليل ذلك أن أبا طالب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مقرًّا ومعترفا بصدق رسول [الله] [*]- صلى الله عليه وسلم -، ومع ذلك لم يكن مؤمنًا؛ لأنه لم يقبل ما جاء به ولم يذعن له، وإلا فإنه يقول في قصائده:

لقد علموا أن ابننا لا مُكذبٌ ... لدينا ولا يُعنى بقول الأباطل

لقد علموا يعني قريشًا أن ابننا وهو محمَّد - صلى الله عليه وسلم - لا مُكذبٌ لدينا أي نصدقه، ولا يُعنى بقول الأباطل، أي لا يهتم بقول الكذب الباطل، ويقول:

ولقد علمت بأن دين محمَّد ... من خير أديان البريةِ دينا

لولا الملامةُ أو حذار مسبة ... لرأيتني سمحًا بذاك مبينا

أعوذ بالله! مع ذلك لم ينفعه هذا الإيمان بل مات على الكفر. فالإيمان شرعًا هو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان.

قال تعالى: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}:

(لو) هذه شرطية، وفعل الشرط فيها "آمن" وجوابه "لكان خيرًا لهم".

(ولو) الشرطية إذا كان جوابها إثباتًا فالأفصح أن يقرن باللام، كما في هذه الآية: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} وكما في قوله: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} [الواقعة: ٦٥] وقوله: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ


[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس بالمطبوع

<<  <  ج: ص:  >  >>