للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله في بني إسرائيل: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: ٤٧] تقتضي التفضيل العام على هذه الأمة وعلى غيرها، فبين النصين الآن عموم متعارض، فإن ادعيت تخصيص عموم آية بني إسرائيل بخصوص هذه الآية قال لك الإسرائيلي: وأنا أدعي تخصيص عموم هذه الآية بخصوص بني إسرائيل، فأقول: أنتم خير أمة أخرجت للناس ما عدا بني إسرائيل، فيقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيَّن لنا أي العمومين مرادًا بقوله: "توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله" (١) فبيَّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن هذه الأمة خير الأمم التي أوفتها وختمت بها، وهذا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - نص فيكون عموم قوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} مقدمًا على عموم قوله: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: ٤٧] وحينئذ يكون قوله تعالى: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} مخصوصًا بقوله في هذه الأمة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، بنصِّ كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وقال بعض العلماء: إن المراد بالعالمين العام خصوص عالمي زمانهم، يعني العالمين في هذا الزمن أي في زمن بني إسرائيل، فيكون من باب العام الذي يراد به الخاص، فلم يرد به العموم من الأصل، والعام الذي يراد به الخاص كثير في القرآن والسنة، ومن ذلك قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: ١٧٣] فإن (الناس) في قوله:


(١) رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة آل عمران، رقم (٣٠٠١) ورواه ابن ماجه، كتاب الزهد، باب صفة أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، رقم (٤٢٨٨). ورواه الإِمام أحمد في مسنده، رقم (١٩٥١٣) بلفظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>