للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} لا يراد به عموم الناس بل القائل واحد، وقوله: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} أيضًا لا يراد به جميع الناس؛ لأنه لم يجمع لهم إلا قريش، عامة البشر لم يجمعوا للرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فيكون قوله: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: ٤٧] عامًا أريد به الخاص، وعلى هذا فلا يكون في الآية عموم إطلاقًا، وحينئذٍ لا تعارض هذه الآية.

٢ - أن هذه الأمة فَضَلَت غيرها بالخيرية لوصفٍ ليس في غيرها، وهي أنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وأما من سبقها فلا، يقول الله تعالى في بني إسرائيل: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: ٧٨، ٧٩].

٣ - أنه متى زال هذا الوصف الذي به فُضّلت هذه الأمة وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر زال كونها خير أمة أخرجت للناس، وذلك لأن الحكم المعلل بعلة يوجد بوجودها وينتفي بانتفائها، ويقوى بقوّتها ويضعف بضعفها.

٤ - أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن ترتب الخيرية عليه يدل على أهميته.

٥ - أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلما وجد في الأمة وجد الخير فيها، وكلما ضعف فيها ضعف الخير، ولهذا لما كانت الأمة قوية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بلادنا كانت البلاد على خير ما يرام، ولما ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فات هذه البلاد من الخير بقدر ما فاتها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>