٩ - إثبات أن الله تعالى موصوف بالنفي كما هو موصوف بالإثبات. وصف الله بالإثبات كثير في القرآن، ووصفه بالنفي أقل لكنه موجود، هذا النفي الذي وصف الله به نفسه هل هو نفي محض مجرد؟ لا، بل هو نفي متضمن لثبوت، وهو كمال ضد ذلك الشيء، فإذا قال الله عن نفسه:{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[فصلت: ٤٦] قلنا: لكمال عدله. وإذا قال:{وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}[البقرة: ١٤٤] قلنا: لكمال مراقبته. وإذا قال:{وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[ق: ٣٨] قلنا: لكمال قوته وقدرته، وهلمَّ جرا، لا يمكن أَن يوجد في صفات الله نفي محض بل هو نفي متضمن لثبوت ضده على وجه الكمال، يقول العلماء رحمهم الله: ولابد من هذا التقدير إثبات كمال الضد؛ لأن مجرد النفي إن كان لعدم القابلية فلا مدح فيه، وإن كان للعجز المنفي فهو نقص.
إن كان لعدم القابلية فلا مدح فيه، مثلًا لو قلنا: الجدار لا يظلم، الجدار لا يغدر بالوعد، هذا لغو، كل الناس يعرفون هذا، فما مثلك إلا مثل الذي قال: السماء فوقنا والأرض تحتنا، أو قال: كأننا حول المدرس طلبة يدرسون، فما الفائدة من هذا؟ فإذا كان غير قابل لهذا المنفي عنه فإن وصفَه به لغو لا فائدة منه، وإن كان هذا النفي لعجزه عن تحقيقه صار نقصًا، لو قلنا: إن الله لا يظلم لأنه لا يستطيع أن يظلم، لا شك أنه نقص، إذن فالقاعدة فيما وصف الله به من النفي أنه ليس نفيًا محضًا بل هو متضمن لإثبات الكمال، الكمال ضد ذلك المنفي.
١٠ - أن نفس الإنسان عنده أمانة يلحقها ظلمُه وغشمُه، ويلحقها بره وإحسانه، فيجب أن يرعى هذه الأمانة حقَّها، وإذا