بالنسبة لله مستحيل لغيره، يعني لو شاء الله أن يظلم لظلم، ولكنه مستحيل لغيره. والغير كمال عدل الله، وهو الذي منع أن يقع الظلم من الله سبحانه وتعالى، ولهذا نقول: لو شاء الله لظلم العباد فأهدر أعمالهم الصالحة، وأضاف إليهم أعمالًا سيئة لم يعملوها, لكن لكمال عدله لا يمكن أن يقع منه ذلك سبحانه وتعالى.
وأيهما أدل على الكمال؟
الجواب: أن يكون الظلم بالنسبة لله مستحيلًا لغيره؛ لأنه لو كان محالًا لذاته لم يكن فيه مدح لله عزّ وجل، فالمدح أن يكون قادرًا عليه ولكنه تركه لكمال عدله. وأضرب لكم مثالًا يبيِّن الأمر: لو أن رجلًا عنينًا -أي لا يقدر على الجماع- دعته امرأة إلى نفسها فقال: ما لي رغبة، فهل نمدحه؟ لا، لا نمدحه لأنه غير قادر على ذلك، لكن لو كان رجلًا شابا وعنده قدرة، ودعته امرأة لنفسها فقال: إني أخاف الله ولو شاء لأجابها وفعل، فإنه يمدح لأنه قادر، فلو قلنا: إن الظلم بالنسبة لله مستحيل لذاته، وأنه لا يمكن أن يقع منه، صار عدم ظلمه ليس فيه مدح، وصار تمدّح الله به لا فائدة منه، إذن فالله تعالى نفى عن نفسه الظلم لكمال عدله، فلعدله لا يمكن أن يقع منه الظلم.
فإن قيل: نفي السِّنة والنوم هل هي مثل نفي الظلم؟
السِّنة والنوم ليست فعلًا بل هي حال وانفعال يطرأ على النائم والناعس، فقد يقال: إنها محال لغيره ولو شاء لنام وأخذته السنة، وقد يقال: محال لذاته؛ لأن في ذلك نفي لكماله، ولأن هذا ليس فعلًا بل هو انفعال، فبينه وبين نفي الظلم فرق.