للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثانية: أن امتثاله من مقتضيات الإيمان؛ لأنه لا يخاطب الشخص بوصف ثم يوجه إليه حكم متعلق بهذا الوصف إلا كان ذلك دليلًا على أن امتثال هذا الحكم من مقتضيات الإيمان؛ لأنه لا يصح أن توجه لفاسق كلمة تتعلق بالمؤمن.

الثالثة: أن الإخلال به نقص في الإيمان، إذا وجّه الله الخطاب للمؤمنين فهذا دليل على أن الإخلال به نقص في الإيمان، ثم إنه لابد أن يكون هناك فائدة عظيمة إذا وجه الله الخطاب للمؤمنين كما قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: إذا سمعت الله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فأرعها سمعك يعني استمع إليها، فإما خير تؤمر به، وإما شر تنهى عنه (١).

يقول: {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} هذا نهي {لَا} ناهية ولهذا جزمت الفعل فقال: {لَا تَتَّخِذُوا} والمراد (بالبطانة) القوم المقربون إلى الشخص، مأخوذ من بطانة الثوب؛ لأنها أقرب إلى البدن من ظهارته، فالثوب له بطانة وله ظهارة، البطانة أقرب، فالمعنى: لا تتخذوا قومًا مقربين إليكم تفضون إليهم بالأسرار وتخبرونهم بالأحوال وبما تريدون أن تقوموا به. وقوله تعالى: {مِنْ دُونِكُمْ} أي من غيركم كما في قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ} [يس: ٧٤] أي من غيره. المراد بذلك كل من يغايرك في أمر من الأمور، وهذا يختلف، قد يكون في الدين مثلًا، وقد يكون في الدنيا، فإذا كان الأمر يتعلق بالدين فحينئذٍ لا نتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، لا نتخذ


(١) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (١/ ٢١١)، وابن أبي حاتم في تفسيره (١/ ١٩٦)، وابن كثير في تفسيره (١/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>