للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنافقين أولياء من دون المؤمنين لأنهم غيرنا، إذا كان يتعلق بتجارة فلا نتخذ أحدًا بطانة يخدعنا في تجارتنا لأنه مغاير لنا في هذا الاتجاه، وهذه في الحقيقة قاعدة موجهة لكل مؤمن، وهي صالحة حتى للكفار مثلًا: لا يتخذ بطانة من دونه أي من غيره ممن يضره اتخاذه بطانة.

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}:

هذه أربع جمل {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} هذه واحدة {وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ} هذه الثانية {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} هذه الثالثة {وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} هذه الرابعة. هذه الجمل هل هي أوصاف لبطانة يعني بطانة متصفة بهذه الصفات، أو هي جُمل تعليلية للبطانة أي لا تتخذوا بطانة من دونكم فإنهم لا يألونكم خبالًا ويودون ما عنتم ... إلخ؟ ، في هذا احتمالان: يحتمل أن هذه الجمل أوصاف، ويحتمل أنها جمل استئنافية معللة، لبيان التعليل أي لا تتخذوا بطانة من دونكم لأنهم لا يألونكم خبالًا ويودون ما عَنتُم ... إلى آخره، وعلى القول الأول يكون معنى الآية: لا تتخذوا بطانة من دونكم على هذا الوصف أي بطانة من دونكم لا يألونكم خبالًا وودّوا ما عنتم ... إلى آخره.

فإن قلنا بأن هذه الجمل أوصاف فإن قوله {مِنْ دُونِكُمْ} يعتبر وصفًا خامسًا؛ لأن (من دونكم) الجار والمجرور صفة لبطانة، وعليه فيكون نهى الله أن نتخذ بطانة من اتصفوا بهذه الصفات الخمس: أنهم من دوننا، أنهم لا يألوننا خبالًا، يودون ما عنتنا، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>