للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} "الأُلِيُّ": بمعنى بذل الجهد، أي: لا يألون جهدًا في خبالكم يعني أنهم يبذلون كل جهد في خبالكم، والخبال هو الفساد في الرأي والعقل، ولهذا يقول الناس لرجل فاسد عقله ورأيه: إنه خِبْل، فمعنى لا يألونكم خبالًا أي لا يألون جهدًا في خبالكم يبذلون كل جهد لفساد أموركم؛ لأنهم قوم ليسوا منكم وهم بعيدون عنكم، بطانة من دونكم.

وقوله: {وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ} الود: خالص المحبة أي أنهم يحبون بكل قلوبهم {مَاعَنِتُّمْ} أي الذي شقَّ عليكم، ويحتمل أن تكون (ما) مصدرية، أي: ودُّوا عنتكم، والعنت المشقة والشدة كما قال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] أي ألحق بكم المشقة، وقال تعالى: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} [التوبة: ١٢٨] أي ما شقَّ عليكم، فالمعنى أن هؤلاء البطانة لا يألون جهدًا في إفساد أمورنا، ويودون بكل قلوبهم العنت علينا والإشقاق والإتعاب، العنت الفكري والبدني والمالي، وكل شيء يمكن أن يلحقنا فيه مشقة فهؤلاء يودونه.

الوصف الثالث: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} بدت: أي ظهرت و {مِنْ} لبيان محل البدو، فهي ابتدائية يعني ظهرت من أفواههم كأنما يريدون أن يكتموا هذه العداوة والبغضاء ولكنها تبدو لابد أن تفهم من أقوالهم وإن كانوا لا يريدون هذا، ولهذا لم يقل: قد أبدوا البغضاء من أفواههم بل قال تعالى: {قَدْ بَدَتِ} وهو دليل أنها جاءت فلتة من أفواههم وإلا فهم يتكتمون في البغضاء من أجل أن يتوصلوا إلى مآربهم في اتخاذهم بطانة، لكن لابد أن تبدو البغضاء من أفواههم.

{وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}، أي أكبر مما يَبدو من

<<  <  ج: ص:  >  >>