بفعل الأوامر واجتناب النواهي؛ لأنك إذا فعلت الأوامر وتركت النواهي فقد أخذت بالوقاية من عذاب الله تعالى.
وقوله:{لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(لعلَّ) هنا: للتعليل أي: لأجل أن تنالوا شكر الله، فالتقوى في الحقيقة هي الشكر لله عزّ وجل أي من أجل أن تنالوا درجة الشاكرين. وشكر النعمة يكون بالقلب واللسان والجوارح:
أما شكر القلب: فبأن تعتقد أن هذه النعم من الله فضلًا منه ومنة، وأنه ليس لك منها إلا فعل السبب الذي أذن لك فيه، وأما حقيقتها فهي من الله، تؤمن بذلك ولا تكون كما قال القائل:{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}[القصص: ٧٨] بل قل: أوتيته بفضل الله ورحمته حتى وإن كان من عملك، أما إن كان من فعل الله فهو واضح بأن كل إنسان ينسبه إلى الله، ومع ذلك من الناس من لا ينسب ما كان من فعل الله إلى الله، إذا حصل المطر يقول: مطرنا بنوء كذا وكذا، ولهذا قال زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه -: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديبية على إثر سماء كانت من الليل أي على إثر مطر، فلما انصرف أقبل إلينا فقال:"هل تدرون ماذا قال ربكم"؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:"قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب. وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب"(١). إذن
(١) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم، رقم (٨٤٦). ورواه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كفر من قال مُطرنا بالنوء، رقم (٧١).