للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكره الله عزّ وجل، خرجوا بطرًا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله وقال لهم الشيطان: لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم، ولكنه خانهم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه، خرجوا ما بين ألف وتسعمائة ومعهم النساء لأجل أن يشتد قتالهم خوفًا على نسائهم؛ وجعلوهن بالخلف فحصلت المعركة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين هؤلاء المشركين، وكان النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه في قلة عَدَد وعُدَد ولكن الله تعالى نصرهم، ولهذا قال: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}.

وقوله: {وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} أذلة جمع ذليل كأعزة جمع عزيز، أذلة من ناحية العَدَد ومن ناحية العُدَد، فثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا بالنسبة لتسعمائة إلى ألف يعني أقل من الثلث، والذي معهم من العدة ليس بشيء، سبعون بعيرًا وفَرسان ولكن الله نصرهم سبحانه وتعالى.

وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} اتقوا الله، هذه الفاء للتفريع يعني بهذا النصر الذي نصركم الله يجب عليكم أن تتقوا الله، وألا تجعلوا النصر سببًا للأشر والبطر كما يفعله من ليس عنده إيمان إذا انتصر على عدوه جعل هذا سببًا للأشر والبطر، ودخل البلد وهو يغني ويطرب، كما ذكر عن بعض مذيعي العرب أيام حربهم مع اليهود يقول: غدًا تُغنَّى الأغاني في تل أبيب! فهل هذا جزاء وشكر النعمة؟

أما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه دخل مكة عام الفتح وهو من أعظم الانتصارات مطأطئًا رأسه خاضعًا لله سبحانه وتعالى متقيًا الله، ولهذا قال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ} والتقوى: اتخاذ وقاية من عذاب الله

<<  <  ج: ص:  >  >>