للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوعد به بالشروط الثلاثة، وقيل: إنه يعود إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٢٤] يعني أن الله لم يجعل قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - بشرى لكم، و"البشرى" هي الخبر بما يسرّ، وهذه ولا شك بشرى إذ إن المقاتل إذا علم أن الله سبحانه وتعالى سيمده بالملائكة فإنه سوف ينشط ويقوى ويؤمل النصر بخلاف ما إذا كان لم يحصل له هذا الشيء.

وقوله: {إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ} "بشرى" مفعول ثانٍ لـ"جعل"، إذا كان "جعل" بمعنى صيّر، وإذا كان (جعل) ليست بمعنى صيّر فتكون مفعولًا لأجله، ولا تصلح أن تكون منصوبة على الاستثناء؛ لأن الأداة هنا للحصر؛ لأن العامل لم يستكمل معموله.

وقال: {وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ} الاطمئنان معناه الاستقرار وعدم القلق، ولا شك أن طمأنينة القلب فيها راحة للنفس وفيها فتح للتفاؤل والأمل، وفيها ثبات على الأمر بخلاف الإنسان الذي لم يطمئن قلبه فتجده دائمًا في قلق وضيق، أما إذا اطمأن قلبه فإن ذلك مما يعينه على التحمل والثبات والصبر، ولهذا قال: {وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} وفي آية الأنفال يختلف السياق هناك قال: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} [الأنفال: ١٠] وحذف قوله: "لكم" وقدم الجار والمجرور على الفاعل {وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} أما هنا {وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} وهذا مما يؤيد أن الآيتين ليستا في غزوة بدر، بل آية الأنفال في غزوة بدر وهذه في غزوة أحد، ولم يحصل الإمداد لما عرفتم من تخلف الشرط.

ثم قال: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>