للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن أُمددتم بالملائكة، ثلاثة آلاف أو خمسة آلاف فليس النصر بهم، ولكن النصر من عند الله وهو الذي يهيئ أسباب النصر فلا تعتمد على غير الله تعالى مما جعله الله سببًا في النصر.

وقوله: {الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}:

العزيز يعني ذي العزة، وعزة الله تعالى ثلاثة أنواع: عزة قدر، وعزة قهر، وعزة امتناع، عزة القدر يعني الشرف والسيادة والفضل مثل أن نقول: هذا الشيء عزيز وجوده يعني أنه منفرد في الصفات الكاملة عن غيره، وعزة القهر يعني الغلبة، يعني أنه غالب، ومنه قوله تعالى: {فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [ص: ٢٣] أي: غلبني فيه، فالله سبحانه وتعالى له الغلبة كما قال تعالى {يَقُولُونَ -يعني المنافقون- لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: ٨] فسلَّم الله لهم ذلك أن الأعز يخرج الأذل ولكن لمن العزة؟ {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: ٨] إذن عزة القهر يعني الغلبة أنه غالب، غالب لكل شيء، ومن الشعر الجاهلي:

أين المفر والإله الطالب ... والأشرم المغلوب ليس الغالب

الثالث: عزة الامتناع: يعني أنه يمتنع أن يناله السوء سبحانه وتعالى أو النقص، وهو مأخوذٌ من قولهم: أرض عزاز يعني صلبة قوية لا تؤثر فيها المعاول.

وأما قوله: {الْحَكِيمُ} فمأخوذٌ من الحُكْم ومن الإحكام، والحكم: القضاء، والإحكام يعني الاتقان، وحكم الله ينقسم إلى قسمين:

حكم كوني: لا يتخلف المحكوم فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>