للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحكم شرعي: قد يتخلف.

فالحكم الكوني لا يتخلف أبدًا، ومنه قوله تعالى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [يوسف: ٨٠] يعني حكمًا كونيًا.

وأما الحكم الشرعي فمثل قوله تعالى في سورة الممتحنة: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الممتحنة: ١٠] ومنه قوله: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: ٥٠].

ثم إن في كل منهما حِكْمة، يعني ما من حكم شرعي أو كوني إلا وهو مقترن بالحكمة لأنا قلنا مأخوذ من الحكم والإحكام.

ثم إن الحكمة قد يكون المراد بها أن وقوع الشيء على هذا الوجه حِكمة، والغاية منه حكمة أيضًا، فتكون الحكمة في صورة الشيء، والحكمة الثانية في الغاية منه.

فكون الصلوات على هذا الوجه هذا حكمة تتعلق بصورة العمل، والغاية منها حكمة تتعلق بالمراد من هذا العمل.

وربط العزة بالحكمة يفيد معنًى ثالثًا غير المعنى المستفاد من العزة على انفراد أو الحكمة على انفراد، وذلك لأن العزيز قد تغلبه العزة حتى يتصرف تصرف الطيش والسفه كما قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ} [البقرة: ٢٠٦] لكن عزة الله تبارك وتعالى لا تخرج عن الحكمة مع أن له العزة المطلقة، فإن هذه العزة لا تخرج عن الحكمة، وكل شيء يفعله سبحانه وتعالى إنما يفعله على وجه الحكمة جل وعلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>