لا بـ (مَنْ) ومنه قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء: ٣] ولم يقل (مَنْ) لأنه ليس المقصود العين، وإنما المقصود الوصف يعني الذي يطيب لكم وتركنون إليه. على كل حال سواء كانت (ما) من باب التغليب أو المقصود به الأعيان والأوصاف فإنها تدل على العموم، وأن جميع ما في السموات والأرض لله.
وقوله:{السَّمَاوَاتِ} هذه جمع قد صرح الله سبحانه في القرآن بأن السموات سبع كما قال تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}[المؤمنون: ٨٦] أما الأرض فليس في القرآن نصٌّ على أنها سبع، وإنما فيه ظاهر، يعني ما يدل ظاهرًا على أن الأرضين سبع، ومنه قوله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}[الطلاق: ١٢] فإن المثلية هنا لا يمكن أن تكون مثلية الجنس والنوع والصفة؛ لأن الأرض مختلفة عن السماء اختلافًا ظاهرًا؛ فتعيَّن أن يكون مراد المثلية بالعدد.
وقد جاءت السنة مصرحة بأن عدد الأرضين سبع ولكن هذه الأرضين السبع هل هي متجاورة أو متطابقة كالسموات؟
ظَنَّ بعض العلماء أنها متجاورة، وأن المراد بها القارات العسبع، ولكن هذا ليس بصحيح، والصحيح أنها متطابقة أي بعضها فوق بعض، ودليل ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من اقتطع شبرًا من الأرض ظلمًا طوّقه يوم القيامة من سبع أرضين"(١)، فإن هذا يدل على أنها متطابقة إذ لو لم تكن كذلك لم يعذب هذا الذي
(١) رواه مسلم، كتاب المساقاة، باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها، رقم (١٦١٠).