للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اقتطع شبرًا من الأرض إلا بأرض واحدة فقط، ثم هل هي متلاصقة أو متباينة؟ قال بعض العلماء: إنها متلاصقة.

وقال آخرون: بل هي متباينة أي بين كل أرض والأخرى فاصل هواء، والله أعلم بذلك، وربما نطلع عن طريق العلم الحديث على الراجح من هذين القولين.

وقوله: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} (يغفر) مضارع من المغفرة، والمغفرة هي ستر الذنب والتجاوز عنه، مأخوذة من المغفر الذي يوضع على الرأس عند القتال، فإنه ساتر للرأس وواقٍ له، والمغفرة هي ستر الذنب والتجاوز عنه.

وقوله: {لِمَنْ يَشَاءُ} هذه الآية مقيدة بالحكمة أي من اقتضت حكمته أن يغفر له غفر له، هذا واحد، والثاني مقيدة بما عدا الشرك، فإن الله يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] لكن المشرك لو أسلم لغفر الله له لقوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨].

وقوله: {وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} يعني ممن يستحق التعذيب. وقوله: {وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} لا يستثنى منها المشرك؛ لأن المشرك قد أعلمنا الله أنه لا يشاء أن يغفر له فلا يكون داخلًا في المشيئة بل هو يعذب المشرك قطعًا؛ لأن وعده لا يخلف سبحانه وتعالى، فالمشرك لابد أن يعذب: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: ٧٢] لكن لو تاب فإن الله يغفر له ويتوب عليه.

ثم قال: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}:

<<  <  ج: ص:  >  >>