للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَتْمُ الآية بهذين الاسمين الكريمين مناسب جدًا؛ لقوله: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} فلكونه غفورًا صار يغفر لمن يشاء، والغفور اسم من أسماء الله المتعدية إذ لا يتم الإيمان به إلا بثلاثة أمور:

١ - الإيمان بأنه اسم من أسماء الله.

٢ - الإيمان بما تضمَّنه من صفة.

٣ - الحكم المترتب على هذه الصفة وهو أنه يغفر.

فنستفيد إذن من هذه الآية إثبات الاسم (الغفور) وإثبات الصفة (المغفرة) وإثبات الحكم المترتب على هذا أنه يغفر بهذه المغفرة.

و(الرحيم) أيضًا اسم من أسماء الله، والرحيم معناه ذو الرحمة المقتضية للإحسان والإنعام، فالإحسان والإنعام من مقتضى الرحمة وليس هو الرحمة، وقد فسَّر من ينكرون الرحمة بأنها الإحسان أو إرادة الإحسان, وهؤلاء هم الأشاعرة -عفا الله عنا وعنهم- يقولون: إن الله ليس له رحمة؛ لأن الرحمة رقة ولين وخضوع للأمر الواقع فيقال لهم: هذه رحمة المخلوق؟ أما رحمة الخالق فلا تتضمن نقصًا أبدًا بل هي كمال محض، ثم إن قولكم إنها رقة ولين فنقول: إن الرقة واللين صفة مدح لأنها خير من الغلظة، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: "إن رحمتي سبقت غضبي" (١). وقولهم: إنما توجب أن الإنسان يخضع للأمر الواقع وما أشبه ذلك حتى يرحم نقول: هذا بالنسبة لرحمة المخلوق أما رحمة الخالق فليس فيها خضوع إطلاقًا، ثم إنه منقوض عليكم


(١) رواه البخاري، كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم، رقم (٧٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>