للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[النساء: ٢٣] فإن قوله: {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} قيد على وفق العادة والغالب، ولهذا تحرم الربيبة وإن لم تكن في حَجْره، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: ٣٣] فإن هذا لا يدل على أن الأمة إذا امتنعت من الزنا لأن الرجل الذي طلب منها أن تزني به لا يعجبها أنه يجوز إكراهها عليه.

وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ}: نهى عن أكل الربا أضعافًا مضاعفة ثم أمر بالتقوى، وهذا من باب التوكيد يعني أن أكلكم مجانب للتقوى، وتقوى الله عزّ وجل هي اتخاذ وقاية من عذابه بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وقد قيل في تعريفها:

خلِّ الذنوب صغيرها ... وكبيرها ذاك التقى

واعمل كماش فوق ... أرض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة ... إن الجبال من الحصى

نعم، ولكن ما ذكرناه أعم، وهي أن التقوى أن يتخذ الإنسان وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه.

{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}: (لعلَّ) هنا للتعليل؛ لأن الكلام صادر من الله، والترجي في حق الله مستحيل؛ لأن الترجي طلب ما فيه مشقة، والله سبحانه وتعالى لا يشق عليه شيء، كل شيء عليه هين، فتكون (لعل) للتعليل يعني من أجل أن تفلحوا، والفلاح قال أهل العلم: إنه كلمة جامعة لحصول المطلوب وزوال المكروه، فمن حصل له المكروه فهو ناقص الفلاح، ومن زال عنه المكروه ولكن لم يحصل مطلوبه فهو ناقص الفلاح، ومن لم يحصل مطلوبه ولم ينجُ من مرهوبه فلا فلاح عنده، ومن حصل له المطلوب ونجا من المكروه فهو المفلح، إذن تقوى الله عزّ وجل

<<  <  ج: ص:  >  >>