للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِن اثنين في الغالب. والمعنى: ليسبق بعضكم بعضًا أو ليسابق بعضكم بعضًا إلى هذا الأمر، المغفرة والجنة، وهذا كقوله تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: ٢١].

{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ} المغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه، وليست هي مجرد التجاوز عن الذنب؛ لأن أصلها من المِغفَر، والمغفر ما يوضع على الرأس حال الحرب يتوقى به السهام، وهو مفيد فائدتين وهما: السَّتر والوقاية، ويدل لهذا قوله تعالى حينما يحاسب عبده في الآخرة ويقر العبد بذنوبه فيقول: "قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم" (١)، فمن ستر الله عليه ذنبه في الدنيا فقد غفره له، ولكن لا تتم المغفرة إلا بالتجاوز عن الذنب وعدم العقوبة عليه، وإلا فإن الستر نوع من المغفرة بلا شك، فإن الإنسان لو فضح بذنبه -والعياذ بالله- لم يكن هذا مغفرة، لكن إذا ستر عليه فإن هذا فيه مهلة أن يجعل الله تعالى الأمر بينه وبين عبده لعله يتوب ولا يعلم بذنبه.

والمسارعة إلى المغفرة إما استغفار، وإما عمل صالح، الاستغفار أن يقول: اللهم اغفر لي، أستغفر الله وما أشبه ذلك، وإما عمل صالح؛ لأن من الأعمال الصالحة ما يكفّر الله به الخطايا مثل الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة، والعمل الصالح يذهب العمل السيئ.


(١) رواه البخاري، كتاب المظالم والغصب، باب قول الله تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ... } رقم (٢٤٤١). ورواه مسلم، كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله، رقم (٢٧٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>