للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: إن المحبة هي ميل الإنسان إلى ما يجلب له المنفعة أو يدفع عنه المضرة.

نقول: هذا أيضًا غير صحيح. وهذا إن قدر أنه لازم المحبة في المخلوق فليس بلازم المحبة بالنسبة للخالق؛ لأن الله لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين.

فإن قالوا: العقل لا يدل عليها فلا يجوز إثباتها.

فالجواب عن هذا:

أولًا: أن العقل ليس دليلًا في إثبات صفات الله أو نفيها، فنحن نمنع الاعتماد على العقل في إثبات الصفات أو نفيها ونقو ل: من أين لكم أن المدار في إثبات الصفات أو نفيها هو العقل؟

ثانيًا: أن نقول: هب أن العقل لم يدل عليها فإنه لا ينفيها؛ لأن دعواكم النفي بأنه لا تكون المحبة إلا بين متجانسين دعوى باطلة والشرع قد أثبتها، وانتفاء الدليل المعين الذي هو العقل على زعمكم لا يمنع انتفاء المدلول؛ لأن المدلول قد يثبت بدليل آخر غير ما ذكرتم، فهب أن العقل لم يدل عليه فقد دلَّ عليه السمع (الكتاب والسنة) فوجب ثبوته، ثبوت المحبة.

ثالثًا: أن نقول: إن العقل قد دلَّ على ثبوت المحبة لله. فإثابة الطائعين تدل على أن الله أحبهم إذ لا يمكن أن يثيب أحدًا عقلًا إلا وهو يحبه، فتكون إثابة الطائعين دليلًا عقليًا على ثبوت المحبة كما جعلتم أنتم التخصيص دليلًا عقليًا على ثبوت الإرادة ولا فرق بينهما، بل إن إثابة الطائعين أدل على المحبة من دلالة التخصيص على الإرادة، ولكن يجب أن نعلم أن محبة الله

<<  <  ج: ص:  >  >>