هنا {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} يعني لا أحد يغفر الذنوب إلا الله. لو تستغفر كل الخلق من ذنبك ما نفعوك، لو أنك مثلًا أتيت إلى كل الذين في المسجد وقلتَ: أستغفركم من الذنب الذي فعلت، فهل تنفع مغفرتهم؟
لنفرض أن رجلًا أساء في المسجد إساءة محرمة تؤذي المصلين، فجاء فقال: أيها المصلون أستغفركم مما فعلت هل يمكن أن يغفروا له؟ يقال: يمكن أن يغفروا له ما يتعلق بهم، لكن أصل الذنب لا يمكن أن يغفروا له؛ لأنه يقول:{وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ}.
قوله:{وَلَمْ يُصِرُّوا} معطوفة على قوله: {ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ}.
ويصروا: أي يستمروا على ما فعلوا ويبقوا عليه؛ لأن طالب المغفرة لا يمكن أن يصر على اقتراف الذنب، يقول اللهم اغفر لي وهو مصرٌّ على معصيته، هذا سخرية واستهزاء، ولهذا قال:{مَا فَعَلُوا} من الفاحشة وظلم النفس.
وقوله:{وَهُمْ يَعْلَمُونَ} يحتمل أن تكون استثنائية {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} يعني أتى بجملة مستأنفة فقال: وهؤلاء يعلمون عظم الذنوب، ويعلمون عظم مَنْ عصوه، ولذلك لا يصرون على ما فعلوا، ويحتمل أن تكون الواو للحال يعني: ولم يصروا على ما فعلوا حال كونهم عالمين بأن الإصرار على الذنب لا تحصل معه المغفرة، أو وهم يعلمون بأن هذا ذنب، فهذا وقع منهم ذنب أصروا عليه فإنهم لا يعلمون أنه ذنب، والآية ما دامت تحتمل هذه الأوجه