للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسافة الرؤوس بل هو بعيد، فهي درجات، ولهذا تجمع، وأعلى ما فيها الفردوس؛ لأن فوقه عرش الله جل جلاله، وهو وسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة، ووصفها الله بأنها جنات لأن فيها من أنواع النعيم ما لا يخطر على البال، فهي دار لا يمكن أن يدرك الإنسان كنهها وحقيقتها؛ لأنها أعظم من أن تدركها مخيلتنا، قال الله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: ١٧] وقال تعالى في الحديث القدسي: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" (١).

وقوله: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}:

{مِنْ تَحْتِهَا} قال العلماء: أي من تحت قصورها وأشجارها لا من تحت أرضها؛ لأنه لو كان من تحت أرضها لكانت في الأسفل في قعر، ولكنها تمشي على سطح أرض الجنة تحت القصور والأشجار، وقد ورد في الأثر أن هذه الأنهار تجري بلا أخدود وبلا حفر (٢). وفي ذلك يقول ابن القيم -رحمه الله- في النونية:

أنهارها في غير أخدود جرت ... سبحان ممسكها عن الفيضان

تجري على الأرض بدون أن يكون لها أخدود يعني سواقٍ أو حفر، ومع هذا تجري حيث أراد الإنسان.


(١) رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، رقم (٣٢٤٤). ورواه مسلم، كتاب صفة الجنة ونعيمها وأهلها، باب ترائي أهل الجنة أهل الغرف كما يُرى الكوكب، رقم (٢٨٢٤).
(٢) رواه الطبراني (١/ ٣٨٤ رقم ٥٠٩ - ٥١٠ - ٥١١) في تفسيره عن مسروق، ورجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>