للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {الْأَنْهَارُ} جمع نهر، وقد بيَّن الله تعالى في سورة محمد أنها أربعة أنواع: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد: ١٥]. {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} يعني لا يقبل أن يكون آسنًا بخلاف ماء الدنيا فإنه يكون آسنًا أي متغيرًا، فإنه إذا تأخر وأبطأ تغير، أما ماء الجنة فلا يتغير {وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} بخلاف ألبان الدنيا فإنها تتغير إذا زادت عن المدة تغيرت وفسدت. {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} لذة {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: ٤٧] لا توجع الرأس، ولا تغتال العقول، وأشد ما يكون من اللذة. الرابعة {وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} أنهار من العسل ليس من عسل النحل الذي يكون نصفها أو أكثر شمعًا ولكنه من عسل مصفى.

{خَالِدِينَ فِيهَا}: أي ماكثين فيها مكثًا طويلًا، وقد جاءت آيات أخرى تدل على أن هذا الخلود خلود تأبيد، وقد أجمع علماء أهل السنة على أنها -أي الجنة- مؤبدة بما فيها من النعيم.

{وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}: الجملة هنا إنشائية للمدح والثناء. الثناء على هذا الأجر العظيم و {أَجْرُ الْعَامِلِينَ} أي ثوابهم، وجعله ذو الفضل والإحسان أجرًا ليكون الإنسان مطمئنًا على الحصول عليه إذا قدَّم العوض وإلا فالمنة لله عزّ وجل أولًا وآخرًا، لكن يمنّ علينا والحمد لله بالعمل ثم يمنُّ علينا ثانيًا بالجزاء، ويقول: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: ٦٠] كأننا نحن محسنون استقلالًا وابتداءً، فإذا أحسنّا فجزاؤنا أن يحسن إلينا

<<  <  ج: ص:  >  >>