للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر: ٣٤] {وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ} كثمود قوم صالح. {وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ} كقارون. {وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا} كفرعون وقوم نوح، أغرقهم الله عزّ وجل حسبما تقتضيه الحكمة.

والعقول قاصرة غالبًا عن معرفة تناسب العقوبة والعمل. وأقول غالبًا، لأنها أحيانًا قد تعرف المناسبة، فمثلًا: نحن نعرف مناسبة إهلاك عاد بالريح، وهي أنهم كانوا يقولون: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت: ١٥]، فأراد الله عزّ وجل أن يريهم أنه يهلكهم بما هو من ألطف الأشياء وهو الريح (الهواء)، الهواء لطيف ومع ذلك دمَّر الله به هذه الأمة التي تفخر بقوتها.

في آل فرعون؛ كان فرعون يعتز بالأنهار التي تجري من تحته، ويقول لقومه: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف: ٥١، ٥٢]، فأهلكه الله عزّ وجل بجنس ما افتخر به وهو الماء.

وأما الباقي فلا أستطيع أن أحدد التناسب بين العمل وبين العقوبة، لكن قوله تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} [العنكبوت: ٤٠] يدل على أن العقوبة تناسب العمل، ومن الأمثال المشهورة عند الناس: (كما تدين تدان) (١).


(١) انظر: "مجمع الأمثال" (٣٠٩٣) لأبي الفضل الميداني، ط. دار المعرفة، بيروت. ت. محمد محيي الدين عبد الحميد.
"أي: كما تجازي تجازى. أي: تجازَى بفعلك، وبحسب ما عملت، وقيل: كما تَفْعل يُفعل بك". لسان العرب (١٣/ ١٦٩) ط. دار صادر بيروت. =

<<  <  ج: ص:  >  >>