المفهوم من قوله:{قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ}: أي سيروا في أرضهم وانظروا كيف كانت عاقبتهم.
وقوله:{فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}: انظروا بعين البصر وبعين البصيرة جميعًا، فإن وصل إلى مكان هؤلاء الأمم فالنظر يكون بعين البصر وبعين البصيرة، وإن لم يصل ولكنه فكَّر بقلبه فالنظر يكون بعين البصيرة؛ لأن البصر لا يمكن أن يصل إليه وهو ينظر في قلبه.
"وانظروا": فعل أمر، وهي تنصب المفعول به لكنها عُلِّقت عن العمل لأنه وليها جملة استفهامية، والجملة الاستفهامية إذا وليت الفعل المتعدي علقته عن العمل. وعلى هذا تكون الجملة في قوله:{كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} في محل نصب مفعول (انظروا)، أما إعراب {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} تفصيلًا:
{كَيْفَ} اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر (كان) مقدمًا، وتقديمه هنا واجب؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام، فإذا وقع خبرًا وجب تقديمه، و {عَاقِبَةُ} اسمها و {الْمُكَذِّبِينَ} معروف أنه مضاف إليه.
{عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} أي مآل أمرهم، وعاقبة الشيء ما يعقبه ويعود إليه الشيء. و {الْمُكَذِّبِينَ} هنا المراد بهم: المكذبين لله ورسله فماذا كان عاقبتهم؟ كان عاقبتهم الهلاك والدمار، وعقوبتهم على حسب ذنوبهم كما قال تعالى:{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ}[العنكبوت: ٤٠] الذين أرسل الله عليهم حاصبًا مثل قوم لوط {إِنَّا