للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - أن القتال لا يكون سببًا للنصر إلَّا إذا كان في سبيل الله، إخلاصًا، وموافقةً للشرع، واجتنابًا للمحارم، فإذا تمت هذه الأمور الثلاثة فهذا هو الذي في سبيل الله.

٥ - أنَّه لا ألفة بين المؤمنين والكافرين؛ لقوله: {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} فمن حاول أن يجمع بين المؤمنين والكافرين فقد حاول الجمع بين النار والماء. وهذا شيء غير ممكن؛ لا يمكن لأولياء الله أن يكونوا متآلفين مع أعداء الله، ومن حاول أن يؤلف بين أولياء الله وأعداء الله فمعنى ذلك أنَّه سوف يقضي على ولاية الله؛ لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: ٥١] واتخاذهم أولياء معناه: أن يتولاهم وينصرهم، لا أن يتقرب إليهم لدعوتهم، وكيف يمكن لشخص يقول إنه من أولياء الله، وإنه مؤمن بالله أن يوالي أعداء الله الكافرين بالله؟ ! هذا لا يمكن. ولهذا نجد أن الصراع بين أتباع الرسل وأعداء الرسل قائم دائم، إما بالقول، وإما بالفعل؛ إما بالقول: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة: ٢]. وإما بالصراع المسلح كما هو معروف.

٦ - أن الله تعالى قد يري المجاهدين الأمر على الواقع، أو على خلاف الواقع؛ لحكمة. كما تشهد بذلك آية الأنفال: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ} [الأنفال: ٤٤]، لأن الإنسان إذا رأى عدوه قليلًا نشط على القتال، وإذا رآه كثيرًا تخاذل، فالله سبحانه وتعالى أرى المؤمنين الكفار

<<  <  ج: ص:  >  >>