للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاستعداد المادي، كما فعل الرسول وأصحابه عليه الصلاة والسلام، فسينصرون على عدوهم بقوة لا طاقة لعدوهم بها، لكن بشرط أن يبذلوا الجهد بالسلاحين: سلاح الإيمان، والسلاح المادي بقدر المستطاع. وإذا شئتم مثلًا على ذلك فانظروا إلى غزوة الخندق، اجتمع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في المدينة عشرة آلاف مقاتل من مختلف العرب، وبأقوى السلاح، ومعهم القوة العظيمة التي لا تقابلها قوة المسلمين من حيث القوة المادية، ففعل المسلمون كل ما يستطيعون من الدفاع عن أنفسهم إلى حد أنهم حفروا خندقًا، قاموا بالواجب ولكن مع ذلك حوصروا نحوًا من شهر.

فما الذي حصل؟ أتى الله عزّ وجل بقوة لا قبل للكفار بها، ولا للمسلمين أيضًا، ليس لهم فيها حول، وهي الريح، ريح شديدة باردة وهي الريح الشرقية، التي قال عنها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور" (١)، ريح شديدة باردة، وجنودٌ من الملائكة تلقي الرعب في قلوب هؤلاء، حتى رحلوا بين غروب شمس وشروقها. كانت الريح تكفئ قدورهم، وتهدم خيامهم، وتقلقهم إقلاقًا عظيمًا، حتى إن أبا سفيان وكان قائد الجيش في ذلك الوقت، كان يتصلى على النار مع أن النار غير مستقرة من شدة الهواء، وكان حذيفة بن اليمان قريبًا منه يقول: لو شئت لرميته بالسهم حتى يموت، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تحدث شيئًا"، ولو كان من بعض شباب عصرنا لقال: هذا قد


(١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب، رقم (٤١٠٥). ورواه مسلم، كتاب صلاة الاستسقاء، باب في ريح الصبا والدبور، رقم (٩٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>