للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو الجرح، وقيل: إن القُرْح الجرح، والقَرْح ألم الجرح، والقولان إن قلنا باختلافهما متلازمان؛ لأن القَرْح من لازم الجرح الذي هو القُرح، فالإنسان المقروح لابد أن يكون متألمًا.

يعني: إن يمسسكم جراح وألم فقد مسَّ القوم قرح مثله يعني جرح وألم.

بل قال الله تعالى في نفس سياق الآيات: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: ١٦٥]، فإذا كان قد أصابتكم مصيبة فقد أصبتم مثليها، ففي أُحد قُتل منكم سبعون، لكن في بدر قُتل من عدوكم سبعون وأسر سبعون، ضعف.

هنا يقول: {فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ} وفي هذا تسلية للمؤمنين؛ لأن الإنسان إذا علم أن عدوه أصابه مثل ما أصابه فإنه تهون عليه المصيبة.

تقول الخنساء وهي ترثي أخاها صخرًا:

ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي

وما يبكون مثل أخي ولكن ... أسلي النفس عنه بالتأسي

ولهذا أشار في القرآن: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف: ٣٩] فاشتراككم في العذاب لم ينفعكم ولم يخفف عنكم الألم، لكن الله عزّ وجل يقول للمؤمنين: إن كنتم قد أصبتم بقرح فقد أصيب عدوكم بقرح مثله، بل في آية أخرى يقول الله عزّ وجل: {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ} أي في طلبهم، يعني لا تضعفوا في طلبهم، اطلبوهم، اقتلوهم {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ} صدق الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>