للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(من) شرطية، وفعل الشرط {يُرِدْ} وجواب الشرط {نُؤْتِهِ}، وفي كل من فعل الشرط وجوابه حذف، أما في فعل الشرط فالحذف من وسط الكلمة، وأما في جوابه فالحذف من آخر الكلمة؛ لأن قوله (يرد): أصلها يريد فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، (ونؤته) أصلها نؤتيه فحذفت الياء للجازم؛ لأن الفعل المعتل يجزم بحذف حرف العلة.

{وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ} أي من يرد الجزاء في الدنيا من الدنيا فإن الله تعالى يؤتيه منها، {نُؤْتِهِ}: أي نعطه منها وليس نعطيه كل الدنيا، فالإنسان قد يريد شيئًا كثيرًا من الدنيا، ولكن لا يحصل له وإنَّما يؤتى منها، مثلًا منا من يريد القصور والأموال الكثيرة والزوجات والمراكب الوثيرة وما أشبه ذلك. ومن يرد هذا يؤته الله منها؛ لأن من يرد هذا لابد أن يسعى له. فإذا كان لابد أن يسعى له فالغالب أن السعي التام يحصل به الموجب، ولهذا قال: نؤته منها، فقدّر الله الأسباب لحصول ما أراده من الدنيا.

وقوله: {نُؤْتِهِ مِنْهَا} واضح في أن الله لا يؤتيه كل الدنيا وإنَّما يؤتى منها، وهذا يحتمل أن يكون عائدًا إلى ما أراده، بمعنى: أن الله لا يعطيه كل ما يريد. ويحتمل أن يكون عائدًا إلى الدنيا من حيث هي على سبيل العموم فيعطيه الله كل ما أراد، وعلى كل تقدير فهذه الآية مقيدة بآية الإسراء، وهي قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ} يعنى الدنيا {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} [الإسراء: ١٨] ولم يقل: عجّلنا له ما يريد، قال: {مَا نَشَاءُ}، وهذا يؤيده الواقع فإن كثيرًا من الناس يريدون الدنيا

<<  <  ج: ص:  >  >>