للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويسعون لها بأيديهم وأرجلهم وألسنتهم وأعينهم ولكن لا يحصِّلونها؛ لأن الله قيَّد هذا العموم في سورة الإسراء بقوله: {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ} لا ما يشاء {مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} فقيَّد المعجل، والمعجل له، {مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} هنا هذا الإطلاق مقيد بذلك.

{وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا}: ولا نعطيه الآخرة كلها؛ لأن الآخرة درجات يختلف فيها الناس، ولا يمكن أن يعطى الإنسان جميع درجات الناس ولكن يعطى من الآخرة، ولهذا قال: {نُؤْتِهِ مِنْهَا} ولكنها تختلف عن عطية الدنيا، كما قال الله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: ١٦، ١٧] عطية الآخرة ليست كعطية الدنيا بل هي أعظم، ولهذا قال في آية الإسراء: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء: ١٩] وهنا قال: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} فدلَّ ذلك على أن من أراد الآخرة فهو من الشاكرين وسيجزي الله الشاكرين بفضله الواسع. من أتى بحسنة أعطي حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.

وتأمل هذا الفضل العظيم: يتطهر الإنسان في بيته فيسبغ الوضوء فتكفر عنه سيئاته مع آخر قطرة من قطرات الماء، فإذا تشهد فتحت له أَبواب الجنَّةَ الثمانية يدخل من أيها شاء، فإذا خرج من بيته بعد التطهر يريد المسجد لا يخرجه إلَّا الصلاة لم يخط خطوة إلَّا رفعه الله بها درجة، وحطَّ عنه بها خطيئة. هذا أيضًا ثواب كثير، كل خطوة لك فيها فائدتان: الأولى رفع الدرجة، والثانية حط الخطيئة، ثواب كثير عظيم في عمل قليل،

<<  <  ج: ص:  >  >>