للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه" (١)، فإن هذا يفيد بأن الإنسان إذا وصل رحمه زِيد في عمره.

فالجواب عن ذلك أن يقال: مد الأجل كبسط الرزق، والحديث يقول: "أن ينسأ له في أثره، وأن يبسط له في رزقه". والرزق مكتوب، فقد بيَّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الرزق يبسط ويوسع إذا وصل الإنسان رحمه، فكذلك الأجل يمدد إذا وصل الإنسان رحمه، ولا فرق، وهذا كقولنا: من أراد أن يولد له فليتزوج، والحديث: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في إثره) لا يعدو أن يكون بيانًا لسبب طول العمر، وليس معناه أن الإنسان له عمران، عمر عند قطيعة الرحم وعمر عند صلة الرحم؛ لأن المعلوم عند الله والمكتوب عنده عمر واحد مقرون بسبب، وهو صلة الرحم، فإذا وصل الإنسان رحمه علمنا أن له عمرًا واحدًا زائدًا مقرونًا بالسبب. يوضح ذلك أنك تقول: إذا أكل الجائع سلم من الموت، فهذا الإنسان على آخر رمق في الحياة، أتينا له بطعام فأكل وعاش، هل نقول: إنه كان له عمران مع أننا لو تأخرنا عن إسعافه بالطعام لمدة دقيقة واحدة لمات، فهذا لا نقول له عمران، نقول: له عمر واحد، لكن هذا الطَّعام سبب لاندفاع الموت عنه الذي حصل من الجوع، فالمسألة ليس فيها إشكال، إذا تأملها الإنسان وجد أن سبب زيادة العمر الذي هو صلة الرحم كغيره من الأسباب التي يحث الشارع عليها. أيضًا نقول: من أراد الجنَّةَ


(١) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم بلفظ: "من سرَّه"، رقم (٥٩٨٥). ورواه مسلم، كتاب البر والصلة، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها بلفظ: "من أحب"، رقم (٢٥٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>