للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ربة)، وهي الطائفة فيكون معنى {رِبِّيُّونَ كثَيرٌ} أي طوائف كثيرون. وعلى كل حال فالله تعالى يبين أن كثيرًا من الأنبياء قاتلوا أو قتلوا ومعهم ربيون كثير، أو كثير من الأنبياء قاتل معه ربيون أو قتل معه ربيون.

وقوله: {كَثِيْرٌ} صفة "لربيون" وهي لا تقتضي الأكثر، مثلًا: إذا كان عندنا مائة وسلم منهم خمسون نقول: هؤلاء كثير. سلم منهم عشرون نقول: هذا كثير، سلم منهم ستون نقول: هذا كثير، لكن ما قبل الخمسين لا نقول فيها أكثر، وإنَّما نقول أكثر فيما تجاوز النصف. المهم أن {كَثِيرٌ} هنا يعني طوائف كثيرة قاتلوا أو قتلوا.

{فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}:

أي: ما جبنوا من أجل ما أصابهم في سبيل الله بل لم يزدهم ما أصابهم في سبيل الله إلَّا شجاعة وإقدامًا؛ لأن عندهم من الإيمان ما يدفعهم إلى ما يصيبهم في سبيل الله، كما أن من طبيعة البشر أن الإنسان إذا اعتُدِيَ عليه احتمى أو حمى وزاد إقدامًا، فكذلك هؤلاء ما جبنوا لما أصابهم في سبيل الله.

وقوله: {فِى سَبِيلِ اللَّهِ} أي في طريقه وشريعته لأنهم مؤمنون بأن كل ما أصابهم فهو على خير، ولما دميت إصبع النبي - صلى الله عليه وسلم - في إحدى الغزوات قال:

"هل أنتِ إلَّا أصبعٌ دَمِيتِ ... وفي سبيلِ الله ما لقيتِ" (١)


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من ينكب في سبيل الله، رقم (٢٨٠٢). ورواه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - من أذى، رقم (١٧٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>