للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - أن من طرق التشجيع على الشيء والإغراء به، أن يُذكر للإنسان سلف يقتدي به ويتشجع للحاق به؛ لقوله: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا}.

٥ - الإشارة إلى انحطاط مرتبة الذين يذلون لأعداء الله، يؤخذ من قوله: {وَمَا اسْتَكَانُوا} وذلك أن الإنسان المؤمن يجب أن يكون أشم كالطود العظيم بالنسبة لأعداء الله حتَّى إنه يجوز للإنسان الخيلاء وجر الثوب في مقابلة الأعداء، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنها لمشية يبغضها الله إلَّا في هذا الموطن" (١)، حتَّى إن بعض العلماء قال: يجوز للجيش الإسلامي أن يصبغ بالسواد رأسه ولحيته أمام الأعداء من أجل إرهابهم لأنهم يظنون أن المقابل لهم شباب، على كل حال سواء قلنا بهذا القول أم لم نقل، ينبغي للإنسان ألا يذل أمام عدوه بل يظهر له العزة بالقول وبالفعل؛ لأن إذلال الكافرين محبوب إلى الله، قال الله تبارك وتعالى في وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: ٢٩]. وقال الله تعالى: {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: ١٢٠]، فكل شيء تغيظ به


(١) أخرجه الطبراني من المعجم الكبير (٧/ ١٠٥)، والهيثمي في مجمع الزوائد، كتاب المغازي، باب غزوة أُحد، رقم (١٠٠٧١)، وهو في كنز العمال (٤/ رقم ١٠٦٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>