للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} المفعول الأول هنا: الهاء في آتاهم، والثاني: ثواب {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} أي جزاءها وذلك بالنصر على أعدائهم والغنيمة فيمن تحل له الغنيمة. ومعلوم أنَّه لا تحل الغنيمة إلَّا لهذه الأمة، لكن المراد النصر على الأعداء والعزة والغلبة عليهم، وحُسْن ثواب الآخرة، ولم يقل: ثواب الآخرة، بل قال: حسن؛ لأن ثواب الآخرة الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وليس ثواب مكافأة فقط، إذ لو كان ثواب مكافأة فقط لكان الحسنة بمثلها، لكنه ثواب حُسْن وفضل، ولهذا قال: {وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ} هذا وجه، والوجه الثاني أنَّه لم يعبر عن ثواب الدنيا بالحسن؛ لأن الدنيا مهما كانت فهي دار شقاء وعناء وكدر، لا يمكن أن يخلو صفوها من كدر، ولهذا لم يقل: حسن ثواب الدنيا، إذ إنه في الحقيقة ليس له حسن، وهو إن كان حسنًا فهو حسن نسبي وإلَّا ففيه حسن لا شك {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} [البقرة: ٢٠١] لكنه أمر نسبي حتَّى المنعمون بالنعمة تجدهم أحيانًا يأتيهم ما ينغص عليهم هذه النعمة.

وقوله: {وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ} يعني يوم القيامة، وذلك برفعة الدرجات في جنات النعيم، والنجاة من دركات الجحيم.

{وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} يعني أنهم هم محسنون فأحبهم الله عزّ وَجَلَّ، وكان من مقتضى محبته لهم هذا الثواب الحاصل في الدنيا وفي الآخرة.

وقوله: {يُحِبُّ} المحبة صفة من صفات الله حقيقة، فهو عزّ وَجَلَّ يحب حقيقة، وليست محبته بمعنى الثواب أو الجزاء

<<  <  ج: ص:  >  >>