للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: إنه مرتبة واحدة، وأن المعنى: إن لم تكن تراه فإنه يراك قريب من المعنى الأول، فالجملتان قريبتان من الترادف، والصواب ما قلناه أولًا، وإذا كان يحب المحسنين؛ فإنه يترتب على محبة الله سبحانه وتعالى أشياء كثيرة، منها ما يكون في الدنيا ومنها ما يكون في الآخرة؛ فما يكون في الدنيا فإن الله إذا أحب الإنسان سدد أعماله وخطواته وأقواله وأفعاله، كما جاء في الحديث الصحيح: "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتَّى أحبه؛ فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه. . ." (١) هذا من فوائد محبة الله.

ومن فوائد محبة الله عزّ وَجَلَّ تيسير فعل الطاعة وترك المعصية، وذلك لأن الإنسان إذا أحب شيئًا طلب الوصول إليه؛ فإذا كان يحب المال طلب الوصول إلى المال بالبيع والشراء والتأجير وغير ذلك، وإذا أحب شخصًا طلب الوصول إليه بمصاحبته ومصادقته، وإذا أحب أي شيء فإنه يطلب الوصول إليه، فإذا أحب الله العبد أحبه العبد فطلب الوصول إليه.

ومن فوائد محبة الله للعبد أن الله تعالى يلقي في قلوب العباد محبته، كما قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: ٩٦]. وجاء في الحديث: "أن الله إذا أحب عبدًا نادى جبريل: إني أحب فلانًا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه


(١) رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب التواضع، رقم (٦٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>