للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: في بعض الآيات رتَّب الله عزّ وَجَلَّ على بعض الأعمال -مثل من حارب الله عزّ وَجَلَّ أو سعى في الأرض فسادًا- عذابين في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} ثم ذكر في النهاية {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٣٣].

فالجواب: صحيح أن هذا الخزي ينالهم في الدنيا، ولكن لعل هذا لعظم أفعالهم صار لهم الحد في الدنيا، والعذاب في الآخرة، وإلَّا فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما: "أن من أصاب شيئًا من هذه الدنوب والمعاصي فأقيم عليه في الدنيا، فإنه كفارة له". ولقوله: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠] وأن الله لا يجمع للإنسان عقوبتين على المعصية. وقد يقال: لشدة جرمهم وذنبهم يجمع لهم بين هذا وهذا.

٣ - الإشارة إلى خفة شأن الدنيا بالنسب! للآخرة، تؤخذ من قول الله تعالى: {ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ} كأن الدنيا ليست بشيء حتَّى يكون فيها حسن كما قررنا. ففيه إشارة إلى أن العاقل ينبغي له أن يعتني بثواب الآخرة الذي هو حسن.

٤ - إثبات البعث والجزاء؛ لقوله: {ثَوَابِ الْآخِرَةِ}.

٥ - إثبات المحبة لله، وهي صفة حقيقية ثابتة لله على الوجه اللائق به.

وهكذا جميع الصفات التي جاءت في الكتاب والسنة، كالرضا والفرح والعجب، يجب علينا أن نؤمن بها على أنَّها حق على حقيقتها؛ لأن الله خاطبنا بالقرآن بلسان عربي مبين. ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>