للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأتِ عن الصحابة ولا عن الأئمة أنهم حرَّفوا هذه النصوص عن ظواهرها، وهذا يدل على أنهم أقرَّوا بها كما جاءت على ما هي عليه، وهذا مذهب السلف ومذهب أهل السنة والجماعة وفيه الراحة والطمأنينة؛ لأن الإنسان إذا لاقى ربه وقد أثبت له الصفة التي دلَّ عليها القرآن والسنة فإنه يوافيه بحجة؛ لكن إذا وافى ربه وقد حرَّف وقال: معنى {يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} أي يثيبهم فليس له حجة عند الله. ونحن نتكلم دائمًا على أن الذين أنكروا شيئًا من صفات الله بحجة عقلية نجيبهم على سبيل الإجمال بأن نقول:

أولًا: أن هذا خلاف طريقة السلف؛ لأن السلف لم يستدلوا بالعقل على إثبات الصفات أو نفيها.

ثانيًا: أن العقل لا مجال له في باب صفات الله؛ لأن صفات الله خبر محض، والأخبار المحضة ليس للعقول فيها مجال إطلاقًا، ثم لو قال قائل: ألا يمكن أن نقيس الغائب على الشاهد؟ قلنا: لا يمكن القياس؛ لأن الله نفى هذا القياس ونهى عنه فقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] وقال: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} [النحل: ٧٤] نعم ربما أقيس شخصًا لم أعلم به على شخص أعلم به وأشاهده، ولكني لا يمكن أن أقيس الخالق على المخلوق؛ لأن الله نفى ذلك بل نهى عنه.

ثالثًا: أن نقول لهم: إن نفيكم لما نفيتم بحجة أن العقل لا يدل عليه غير صحيح في الاستدلال عند العقلاء، وذلك لأننا لو قدرنا أن العقل لا يدل عليه فقد دلَّ عليه السمع، وانتفاء الدليل المعين لا يستلزم انتفاء المدلول.

يعني إذا قلنا: هذا لا يدل على كذا، قلنا: لكن عندنا دليل

<<  <  ج: ص:  >  >>