للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالكلام مثلًا قديم أزلي لم يزل الله سبحانه وتعالى متكلمًا لكن آحاده حادثة لا شك {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢] ونحن نعلم أن مرادات الله عزّ وَجَلَّ تقع {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: ٢٩] يحيي ويميت، يعز ويذل، يرزق ويمنع، وكل هذه الأشياء بإرادة مقرونة بالقول: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢] ومع ذلك لا يلزم منه أن يكون سبحانه وتعالى حادثًا. فتعليلهم هذا النفي الذي سلكوه تعليل عليل يوجب الوصف بالنقص. فانظر كيف كان أهل الباطل يفرون مما يعتقدونه باطلًا، فيقعون في شيء هو أبطل منه وأشر منه، مع تطاولهم على تحريف النصوص وتعطيل الله عزّ وَجَلَّ عما وصف به نفسه، فهم محرفة ومعطلة واقعون في شر مما فروا منه.

فإن قال قائل: وهل يؤثر أخذ المغنم على الثواب الأخروي لحديث: "ما من غازية أو سرية تغزو فتغنم وتسلم إلَّا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم. . ." (١)؟

الجواب: أن أخذ المغنم لا يؤثر على الثواب الأخروي إذا خلصت النية أن تكون كلمة الله هي العليا، لكن قد يكون بعض المجاهدين يغلِّب جانب الغنيمة، فمن هنا ينقص الأجر كثيرًا حسب التغليب الذي قام في قلبه، فالحديث يحتاج إلى نظر في سببه، فلربما يكون سببه يدل على أن لهم إرادة في الدنيا.


(١) رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب بيان قدر ثواب من غزا فغنم ومن لم يغنم، رقم (١٩٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>