للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيما يذكر من تاريخ هذه الأمة الإسلامية أن العلاء بنُ الحضرمي لما وصل إلى البحرين وجد البحر أمامه وليس معه سفن، فدعا الله عزّ وَجَلَّ فعبر الماء على أقدامه والخيول والإبل كلها تمشي على الماء كأنما تمشي على صفا من حجر، هذه ليس لنا بها طاقة.

وكذلك أيضًا ما يذكر عن سعد بنُ أبي وقاص عند فتح المدائن أنَّه وصل إلى دِجْلة وهي تقذف زبدًا من قوة الجريان، وقد عبرها الفرس بسفنهم وجسورهم وكسروا الجسور وأغرقوا السفن، ولم يبق للمسلمين شيء يعبرون به، فقال سعد بنُ أبي وقاص لسلمان الفارسي: أعطنا من آرائك؛ لأنه رضي الله عنه كان ذا رأي في الحرب، وهو الذي أشار بحفر الخندق على المدينة في عام الأحزاب فقال: والله لا أرى حيلة في هذا، البحر بين أيدينا وليس معنا سفن ولا جسور ولكن دعني أنظر في القوم، إن كانوا على ما ينبغي وهم أهل للنصرة فليس بنو إسرائيل بأولى منا من النصرة، والله عزّ وَجَلَّ قد فلق البحر لهم فعبروا. فذهب فوجد القوم فرسانًا في النهار رهبانًا بالليل؛ في الليل ركوعًا وسجودًا، وفي النهار يصلحون معدات الحرب ويستعدون. فرجع إليه بعد ثلاث وقال: إني وجدت القوم على أحسن ما يرام، ولكن توكل على الله، فنادى سعد بالرحيل وأنه سوف ينفذ البحر وقال: إني مكبر ثلاثًا، فإذا كبّرت الثالثة فخوضوا البحر باسم الله ففعلوا، فيقال -سبحان الله- إنهم عبروا كلهم بخيلهم ورجلهم وإبلهم. حتَّى إن بعض المؤرخين ذكر أن الخيل إذا تعبت أنشأ الله لها ربوة تقف عليها وتستريح، هذا نصر ليس لنا به طاقة لكنه من الله عَزَّ وَجَلَّ. ولهذا قال هنا: لا تراءوا الكافرين ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>