للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جمع له جميع أهل المدائن، كل المدن جميعهم من أجل القضاء على موسى وقومه وقال: {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} [الشعراء: ٥٤] ليخفف شأنهم عند قومه حتى يستعدوا ويهموا بالقضاء عليهم، ووصلوا إلى البحر.

هل للإنسان طاقة بالبحر؟ ليس له طاقة، ولهذا قال قومه: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: ٦١] لأن البحر أمامهم وفرعون وجنوده خلفهم فكيف ينجون منهم؟ قال: {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: ٦٢]. فأمره سبحانه أن يضرب البحر فضربه مرة واحدة بعصا تحمل باليد، مرة واحدة فقط، فانفلق اثني عشر طريقًا يبسًا بلحظة، هذه الأرض الرطبة التي هي وحل وطين صارت بلحظة يبسًا، وها هو الماء السيال صار كل فرق منه كالطود العظيم كالجبل، جبال واقفة ليست سيالة.

حتَّى إن بعض العلماء يقول: إن الله تعالى جعل في هذه الكتل المائية فرجًا حتَّى ينظر بنو إسرائيل بعضهم إلى بعض؛ لأن الإنسان في وسط الماء، المياه عن يمينه ويساره يخشى أن أصحابه قد غرقوا فجعل الله لهم فُرَجًا في هذه الأطواد ينظر بعضهم إلى بعض، بلحظة لا طاقة للبشر بها. فمن كان الله مولاه فهو منصور.

خرجوا من البحر ناجين، ثم دخل فرعون وقومه في البحر، ولمَّا تكاملوا داخلين، أمر الله البحر أن ينطبق فانطبق بلحظة فأغرق فرعون وجنوده، وكان فرعون قد أرعب بني إسرائيل فأخرجه الله جل وعلا لهم جسدًا ينظرون إليه {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس: ٩٢] فاطمأنوا أنَّه هلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>