للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال تعالى: {بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ}:

(بل) هنا للإضراب الإبطالي، لكنه إبطال شيء مقدر؛ لأن طاعتنا للكفار تكون لرجاء أو خوف، يعني نحن لو أطعنا الكفار فإما أن نطيعهم رجاء، وإما أن نطيعهم خوفًا؛ رجاء أن ينصرونا أو يمدونا بالمال وما أشبه ذلك، أو خوفًا من أن يسطوا علينا وأن يحاربونا ويقاتلونا.

هنا حسن الإضراب تمامًا فقال: {بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ} يعني لا تطيعوهم وتتولوهم فإن لكم مَنْ هو خير من ولايتهم وهو الله.

ولهذا يعتبر هذا الإضراب إضرابًا إبطاليًا لشيء مقدر {إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا} من أجل أن يكونوا لكم أولياء فإنهم سوف {يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}. ثم قال: {بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ} إذا كان الله مولانا سبحانه وتعالى فإنه لا يهمنا أحد من الخلق ما دمنا نؤمن بأن الله هو مولانا بما معنا من الأوصاف التي نستحق بها الولاية، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولن يهمونا أبدًا مهما كانوا من القوة، ومهما كانوا من الصناعة، ومهما كانوا من المال؛ لأن معنا الله عزّ وَجَلَّ وهو الذي يقول للشيء كن فيكون، ولكن الله عزّ وَجَلَّ يأمرنا أن نقاتل بأيدينا، فإذا أعيتنا القدرة مع القيام بما يجب حينئذ جاءنا نصر من الله لا قِبَل للبشر به، وهذه حقيقة يجب أن نفهمها.

نحن مأمورون بأن نعدَّ العدة وأن نقاتل، لكن إذا جاءنا من لا طاقة لنا به حينئذ يأتي نصر من الله ليس لنا به طاقة ولا لغيرنا، وله شواهد في التاريخ.

فموسى عليه السلام لما خرج من مصر وكان فرعون قد

<<  <  ج: ص:  >  >>